Monday, 17 June 2013

بين الإحباط والغضب والأمل


سوف أرتكب، نسبيا، جريمة صغيرة وبريئة في هذه المقال. فلقد قررت أن أنشر في الكثير من نصه - على عكس العادة - بعضا من الطاقة السلبية التي أشعر بها. ورأيت لذلك أنه من الأفضل أن أنشرها في مدونتي بدلا من موقع، مع أن الفكرة قد راودتي.

فمصر تمتلئ بحالة من الحراك المهول هذه الأيام، والطاقة البشرية المتفجرة بأنواعها منتشرة في هواء بشكل غير عادي، ويكاد يكون من المستحيل أن تتجنب أي من ذلك حتى وإن حاولت بأقصى جهدك. فالكل يتحدث عن يوم ال ٣٠ من يونيو، والشوارع تمتلئ بالمشهد المتفرد لحركةتمردوهي تكاد لا تلاحق على الطلب المتزايد على التوقيعات وتقترب بحسب زعمها من عدد التوقيعات التي تسعى وراءه، وأرى الشباب والكبار وهم يقفون بصورة متواصلة في الحر القاسي ليقومون بتوزيع الإستمارات، وأرى الناس وهم ينزلون من سياراتهم ويعبرون الشوارع ليوقعوا (وأنا منهم) على الإستمارات تلك. وأرى عزما حقيقيا بعدم الإستسلام لميلاد ما يراه هؤلاء أنه نظام متسلط جديد، وهناك كذلك مناعة متزايدة ضد الإنسياق وراء الإبتزاز العاطفي أو الشعارات من هذا النظام ومؤيديه. وفي المقابل، فإن مؤيدو هذا النظام أو هذه الإدارة الحالية أيضا في حالة من الحراك للدفاع عن وجهة نظرهم وعن ما يرونه من حكم لا يزال - في رؤيتهم - لديه من الشرعية ما يكفل بقاءه، ويجمعون كذلك التوقيعات لحركةتجرد، ويتحدثون - بعيدا عن رأيي فيما يقولون - عن الديمقراطية والشرعية تارة، وعن الإستعداد كذلك لبذل الجهد والجسد تارة أخرى إذا ما تطلب الأمر. وما بين المسيرات والتوقيعات والإعلام والتويتر والفيسبوك والبيانات والوعيد، فإن الطاقة المحيطة تبدو وكأنها تتضاعف لحظة بلحظة بصورة غير طبيعية.

إلا أنني في حالة ذهنية مختلفة تماما رغما عني، ربما لأول مرة منذ يناير ٢٠١١. أشعر منذ أيام أنني منفصلا عن كل شيء بشكل متزايد، وأنني أشاهد ما يجري من الخارج كمن يشاهد أحداثا كبيرة في دولة أخرى على شاشة تليفزيونإنه خليط من الغضب بصورة الكبيرة، وقدر من الترقب والقلق، وبالتأكيد الكثير من الإجهاد والإستنفاذ. ولكنه بصورة أكبر، للأسف، الإحباط. نعم، لابد إنه كذلك.

هو الإحباط مما حدث ومما آل إليه الحال.

هو الإحباط بأن الكثيرون ضحوا لعقود بحياتهم لإصلاح أو إسقاط نظام ظالم، وها هو النظام الجديد القادم بعد ثورة - نظام يوجد به بعض أكثر من عانوا من النظام السابق - يعيد ما سبق وبشكل أكثر ضررا وسخافة. هو الإحباط من أننا قد فشلنا في تكوين جمعية تأسيسية نتوحد حولها أو في كتابة دستور نتفق عليه أو في بناء وطن ودولة يشعر الكل بأنها دولته ووطنه. هو الإحباط أننا إنتقلنا من الإتفاق على إلغاء وزارة الإعلام، إلى إلغاءها بالفعل، إلى عودتها، والآن إلى بدء البعض في الكلام عن أهمية بقاءها. هو الإحباط من عدم إصلاح مؤسسات الدولة كما كنا إتفقنا كلنا يوما. بل، هو الإحباط من أن النظام الحاكم (أو الإدارة الحالية) يحاول السيطرة كذلك على مؤسسات الدولة لصالحه بدلا من تكوين قواعد للحوكمة تحمي وتفصل الدولة ومؤسساتها بشكل كافي عن كافة الفصائل السياسية بما يحافظ على إستقلالية أساسية. هو الإحباط من تحويل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لتبدو أمام الرأي العام وكأن كلها أوكارا من الشر، بدلا من تنمية المجتمع المدني والدفع بإتجاه إزدهاره. هو الإحباط من زيادة ملاحقة الإعلام ومن القوانين البالية المنظمة للأمر، ولكنه الإحباط في ذات الوقت من تردي مهنية وموضوعية بعض الإعلام والإعلاميين لدى كل الأطراف. هو الإحباط من تخبط المعارضة المستمر وإعادة إختراع العجلة كل عدة أشهر، وفشل الحكومة المتزايد والتمسك المتزايد بها كذلك. هو الإحباط لتفشي الشعور بالضبابية في كل شيء، ولإستمرار الظلم بينما يُطلب العدل، ولثِقَل القلق في وقت كان المفترض فيه الأمان.

هو الإحباط من تصاعد الكراهية بيننا بشكل مخيف، وتزايد الحديث عن العنف والموت والتهديد والوعيد بشكل يومي، ورغبة المزيد والمزيد من الناس في إختفاء وتدمير كل من يخالفهم فكرا أو أسلوبا أو قناعة، أو في أستخدام القوة بأنواعها لإجباره على أن يمتثل لرغبتك أو رؤيتك. هو الإحباط من قناعة البعض بأن الأخر، أيا كانت الأطراف المقصودة، يمكن أن يختفي بين يوم وليلة بقمع أو عنف. هو الإحباط من عدم قدرتنا على أن نتفق على أنه من حق كل إنسان على أرض هذا البلاد أن يعيش حرا كريما دون أن يتدخل أحدا في حياته وإختياراته يما يتعدى الدفاع عن حرية غيره، ولأنه بالتأكيد توجد صيغة ما تاهت عنا، صيغة تسمح لنا كلنا بأن نعيش في هذه البلد وأن نبنيها بما يحقق رؤية جماعية لوطن يجمعنا جميعا، وليس لتحقيق رؤية بعضنا بصورة إجبارية على الكل. هو الإحباط من التخوين والتكفير والصوت العالي والسباب والإفتراءات والأكاذيب والعنف. وهو الإحباط من إستمرار تهديد وحجز وإصابة وموت الشاب والكبير ممن لم يريدون سوى الدفاع عن وطنهم وحريتهم بأصواتهم وبأنفسهم. وهو الإحباط والقلق من أن أخرين قد يحدث لهم نفس المصير بعد أيام.

هو الإحباط من عدم قدرتنا على بناء دولة ديمقراطية حديثة نتوحد حول أساسياتها بعد مرور أكثر من سنتين على الثورة، ومن عدم ترسيخ فهم حقيقي للتوازن بين حقوق الأغلبية والأقليات والأفراد. وهو الإحباط من فشل صانعي تلك الديمقراطية والمشاركين في بناءها، ومن الفشل المذهل للنخب السياسية في مصر على إختلافها على طول الخط. هو الإحباط من إستمرار سلبية البعض من الناس القادرين ولو في أبسط الأمور. هو الإحباط من تنامي الطائفية وعدم التسامح والتعايش، وتلذذ البعض بهذه الطائفية وسعيه وراءها، وشعور البعض بأنهم كالغرباء في وطنهم بعد ثورة لم تكن لتنجح دونهم. هو الإحباط من إنتشار الفكر الرجعي والإقصائي بأنواعهما بشكل أكبر مما تخيلت. هو الأحباط من عدم قدرتنا على الإتفاق على قوانين أساسية كقانون الجمعية الأهلية أو حرية المعلومات أو تطوير السلطة القضائية بشكل توافقي أو قانون التظاهر أو إقليم قناة السويس أو غيرها، وأن الخلاف حول كل من هذه القضايا يبدو شاسعا، وأن وجهة نظر كل من الأطراف في أي من الأمور، البسيط منها والخطير، صارت وكأنها قضية حياة أو موت له، وأننا فاشلون حتى في القدرة على الحوار. بل كذلك هو الإحباط من مضامين أغلب الحوارات والنظريات والمؤامرات والأفكار المصاحبة لها، بدءا من السياحة الإيرانية المرعبة وإنتهاءا بالباليه المخيف ومرورا باللغة الإنجليزية المدمرة وإغلاق المحال المبكر لكي تنام الناس رغما عنها في مواعيد مبكرة لأن الحكومة تدرك مصلحة الناس أفضل منهم. وكذلك الإحباط ممن يؤمنون، بما يخالف العقل والمنطق والعين والأذن، بأن كل ثوراتنا كانت مؤامرات خارجية وكأننا قطعانا يتم تسييرها حسب مزاج الغير، لأننا نظل أن نرى أنفسنا على أننا لا شيء، فاقدين للعقل أو الأهلية أو الإرادة. وهو الإحباط من تصديقنا لكل من يقول كلمة ترضينا، أو تكذيبنا لكل من يقول كلمة ليست على هوانا، وعدم سعينا وراء المعلومة بأنفسنا، وإنغماسنا وراء الشائعات والمؤامرات والخيالات الشخصية.

هو الإحباط من سياسة خارجية متخبطة، وفقدان مصر لإستقلاليتها ومكانتها وقدراتها وإحتياجنا للغير بشكل متزايد، ومن لحظات أردنا فيها أن نبدو أقوياء فظهرنا ممتلئين بالتعالي والعنجهية أمام جيراننا، وخسرنا بهما الكثير دون أن نكسب ولو القليل. هو الإحباط من كل من يقنع نفسه بأنه لم يفشل في دفع مصر إلى الأمام، ولكنه يحمل مسئولية هذا الفشل للفلول والظروف والأطراف الثالثة والمؤامرات ويقنع نفسه بأنه عليه أن يتماسك في هذه المحن. وهو الإحباط ممن لا يزالون يفعلون نفس الشيء مرة تلو الأخرى تلو الأخرى، أو لا يفعلون أي شيء مطلقا، ولكنهم يتوقعون نتائج جديدة، وهو تعريف الجنون. هو الإحباط من تزايد تسلط البشر على البشر. وهو الإحباط من الخوف على الحريات والحقوق ولقمة العيش.

وهو الغضب كذلك.

لست محايدا، ولم أدعي يوما وأني كذلك. ولكنني أشعر بالإجهاد وبالإحباط من حالنا، والذي لم يكن بالضروري مطلقا أن نصل إليه، وليس من الضروري أن نستمر فيه

ولكن لا يزال لدي أمل.

هو مرض يبدو أنني لن أشفى منه، ولا أريد أن أشفى منه، وهو الشعور المزمن بالأمل، وإيماني بالتغيير، وبحتمية إنهيار الظلم أيا كان، وبحتمية نهوض العقل، وبحتمية إنتصار العدل والحق. ولكنني، كما كنت قد كتبت منذ فترة، أشعر بأنه شعورا مُسبَبا وليس خاويا. لقد تفجرت وتدفقت ينابيعا من العزيمة والشجاعة والتضحية، ومن الفنون والإبداع والتعبير، ومن الإستماتة من أجل الحرية والكرامة والحقوق والعدالة، وسنجد كلنا طريقنا يوما ما، عاجلا أم أجلا، وبإذن الله.

ولا يزال لدي أمل

Wednesday, 12 June 2013

A few pieces of mine you might have missed

So, I haven't been updating the blog as much as before. I've mostly been writing outside of it as of late, largely on Al-Monitor. Check my page there for some of the stuff you might have missed.

Click here for the page. And, of course, thanks for being interested.


Tuesday, 11 June 2013

Is Morsi's Call For National Reconciliation Sincere?


Doesn't seem so.

Speaking yesterday in an all-Islamist conference on water security, Egyptian President Morsi called for national unity and reconciliation talks. Since November, with intermittent exceptions, the president and the Brotherhood on one hand and the opposition on the other have officially not been on speaking terms. Remarkably, in his speech, Morsi said that he's "willing to go anywhere" for that goal, which some saw as an intentionally provocative analogy made by him to Sadat's pre-Camp David rhetoric towards Israel. In any case, the general sentiment is that there is little reason to think that the calls are anything but a political tactic. The opposition has pretty much refused the talks, with only the SDP's leader Mohammed Abul-Ghar suggesting that true intention for compromise must be proven first so that dialogue takes place.

Now on one hand, it's true the opposition has made several mistakes since November, especially not attending the National Dialogue talks during the constitutional crisis, and has lost several opportunities to corner Morsi and the Brotherhood for political breakthroughs. On the other, the general sensation has been that Morsi and the Brotherhood aren't interested in compromise anyway, at least not anymore. Just looking from the outside, the Brotherhood and Morsi have pretty much snubbed every demand by the opposition (and even those of former ally, Al-Nour Salafi Party) since November. Instead of a technocratic or a national coalition government till the elections, Morsi has kept controversial PM Hisham Qandil and has expanded Islamist and Brotherhood presence in the cabinet. The also controversial prosecutor-general remains in place, strongly fighting even the judiciary's attempts to unseat him. The electoral law remains divisive, in addition to pretty much the rest of the legislative agenda by the Shura council, largely denounced by the opposition and civil society. The legislative authority draft law, designed to axe more than 3000 senior judges, and widely refused by the opposition and the judiciary, shows no sign of being revised. In addition, demands for a revision of the constitution have been tied to parliament convening and debating the demand for amendments, as Islamists expect to dominate the coming parliament anyway due to their organisational superiority, giving them the upper hand over any suggested amendments. These are examples. And even further, several considerable sources - some connected to both sides - I've spoken to argue that the Brotherhood is snubbing any behind the scenes efforts towards real compromise by "go-betweeners." Even when opposition leader Amr Moussa, from the more pragmatic wing of the NSF, recently met face to face with Khairat El-Shater, Moussa's official view is that the void between both sides turned out to be larger than he expected (setting aside the avalanche of criticisms he received for going to that meeting).

So why the calls for reconciliation now? Likely for two reasons.

First, a key condition for the Sysiphean IMF loan has been political stability and reconciliation. Given that, and increased international and local criticism, Morsi will benefit from looking like a statesman seeking national unity. Second, the planned June 30th Protests seem to be gaining much steam, with the Tamarrod movement recently announcing they're already close to reaching 15 million signatures demanding early presidential elections. Ostensible moves for national reconciliation talks could potentially lead to divisions in the opposition both on leadership and grassroots levels, and/or dispersement of the some of the momentum leading up to the protests.

The third theoretical option, for sure, is the relatively far-fetched possibility Morsi really means it. But despite the intransigence of the opposition, the ball is really still in Morsi's court. If Morsi truly wishes for national reconciliation then he must do more than broad announcements or generalist calls. He must take a concrete unilateral step in that direction, giving opposing forces something meaningful that they've been wanting, and there's a substantial menu of options for him to choose from. The problem is, however, with the rising popular polarisation and the heating momentum towards June 30th, it will seemingly take a lot for anyone to listen.


Tuesday, 4 June 2013

Egypt, Turkey, The World And A New Political Spring

[Note: after writing dozens of mostly dry political analysis pieces, here's something out of the box. I wrote this yesterday, but left it unpublished, edited it after Gül's speech.]

It is never too soon to draw perhaps premature conclusions, and I am not one to shy away from such act. Having been deeply engrossed in Egypt’s political conflict and now as we observe and attempt to analyse the protests in Turkey, one can find one important parallel between both: there is a mounting feeling by a significant portion of the population that one political side is becoming too domineering, even if often through the polarising usage of technically legitimate political and legislative means.

In Egypt, a rising sentiment is that the Brotherhood is increasingly power hungry and monopolistic, cares less and less about dissenting opinion (even from other Islamists, as evident by the rift with once-ally Salafist party Al-Nour). The sentiment continues that the Brotherhood is perhaps rightly too confident that deep Islamic-Liberal polarisation, its dedicated base and incomparable eight decades-old electoral and organisational machines are likely capable of substantially winning it any elections being held despite the mounting public disapproval and anger against it. In Turkey, Erdogan and the AKP’s hold on parliament has been growing with every successive elections, their popularity theoretically stronger than ever, and now feel perhaps more comfortable in being more unilateral and swift in their political agenda (in addition to the increasing crackdown on dissenting journalism.)

So what do anti-government protesters in Egypt and Turkey want and express? Well, many things, some are  perhaps legitimate, some perhaps more towards the hyperbolic. But, like I mention, one of the themes I feel has been pervasive in both countries was the demand for a more inclusive and widely-consultative democracy, and that a simple majority cannot just have its way, whether in terms of policies or overall national vision. This appears to be what Turkish President Abdullah Gül understood when he said on Monday that he “the messages [...] have been received”, and that “democracy does not only mean elections.” According to Turkish journalists on social media though, Prime Minister Erdogan said he wasn’t sure what message the president thinks he has received, likely raising the ire of protesters. On the other hand though, Egypt’s president Morsi and the Brotherhood seem to be getting the opposite message altogether from repeated protests, so perhaps Erdogan’s angry confusionwas relatively a blessing.

But as you also try to observe the political climate in much of the Arab world, Europe and the US, you can feel that something larger is perhaps happening. There appears to be greater disillusionment with the existing political elite, for example, as we saw in countries like Italy and Beppe Grillo’s meteoric success with his Five Star Movement. But more importantly, there also appears to be a demand for an evolution to the current pervading political paradigm.

The current political system, in all of its frameworks and practical variations around the world, centres around a presidency and parliament that varyingly share power for several years before new elections come forth, and in which a simple majority in parliament has strong powers. Political systems remain remarkably similar despite their differences, trying to balance - among others - efficiency and expediency with consensus, the need for stability and long term focus against the need for regular change, votes of confidence and short term benefits, in addition to balancing the demands of majorities against the desires and rights of minorities. Furthermore, there is also the need to balance a politician’s theoretical need for enough time to regularly juggle what his district wants him to do and what he is willing to dissent with his district on for what he perceives as their own benefit and national interest, trying to eventually come out as having pleased his district in totality towards the end of his term.

But today’s citizens and voters are a radically different specimen from those even 20 years ago. People are now more informed and educated than ever (yet also more impatient as well), they have incomparable and continuous access to virtually any information no matter where they go, so much more now happens in a single day than what used to happen in a week only a few years ago (for example, Egypt famously passed a - later suspended - tax law post midnight on the presidency’s facebook page). Politicians are more revealed and in direct contact with people more than ever, through communicating (or being scandalised) on social media, through the 24-hour news cycle, or an almost continuous campaigning mode. Most importantly, voters and citizens are becoming less prone to being swayed by traditional slogans, propaganda or allegiances. They are, in addition, less and less influenced by traditional leaders, parties and movements, more individual in the good sense, and more willing and capable of making their own voices and opinions heard. And ideologically, citizens and voters are becoming more and more pragmatic, willing to look across the spectrum for trans-ideological solutions and ideas.

There seems to be a need for a new political paradigm to reflect how the world appears is changing.

What would such a new or evolved political paradigm entail? I don’t know, but I have a few partial guesses. For example, and even in the most developed democracies, there would be greater political transparency, more fluid access to information, and a stronger respect for the voter and the citizen as being informed and capable of seeing through the usual usage of inflated  and useless words and political maneuvering. The fact that tools for at least some direct democracy are becoming increasingly available would be turned into a more practical reality, with one debatable example being the White House’s commitment to answer public petitions once they surpass a certain online voting threshold (that example could be also expanded to parliament in some form, as one example) The role of a president and the length of his term should both be revisited and generally reduced.

As for parliament, the idea of requiring more than just a simple or absolute voting majority in parliament (and referenda) should be investigated for at least for some of the more important areas of voting. The voting mechanism should instead be designed in a manner that would generally encourage, if not even necessitate at times, a supermajority of some sort in parliament, perhaps even requiring in some cases that such a supermajority be composed of more than one party. Parliaments should also be further obliged to more impactingly consult on every legislation with relevant major stakeholders, such as unions, NGOs, businesses and more. In cases wherein such stakeholders intentionally issue official demands or critiques of draft laws, the relevant entity or group in parliament should have to issue some formal and publicly accessible responses, thus ensuring that parliamentary majorities cannot just “brush off” stakeholders and their concerns as we have often seen. Perhaps even the composition of parliament itself would be more fluid. For example, each district would be represented by an even number of representatives, each alternate half of whom would have their seats up for re-election every two years, thus allowing for parliament to substantially refresh and revitalise itself more regularly, while also allowing each member and parliament as whole enough chance to focus on the bigger picture. Another alternative, for the sake of the mere exploration of ideas, is the idea of shorter-termed parliaments of - for example - two and a half years or so. Further, each MP would have to be further connected to his district during his time in office. He would still have his independence to vote his conscience and experience, which might often be more correct than voter’s immediate impulses, but he would have to be in greater communication and provide further transparency to his voters and district.

As for the judicial branch, the issue of course becomes a bit more complex and in need of even greater debate. But one area of potential refinement is the often extreme longevity of supreme constitutional court judges. While the position of a constitutional court judge is traditionally designed to logically try and shield the judges from political pressures and potential seduction by interest groups through attractive post-bench offers, today’s often too-long longevity can often lead nations to find themselves quite captive to the un-objective ideological leanings of judges, among other concerns.

More than anything else, universal human rights must increasingly be at the heart of any such paradigm. Furthermore, the state’s ability to infringe upon them under excuse of security and emergency laws must be revisited.

One interesting country to look at is Mexico. The largest three parties comprising more than 90% of parliament, under the leadership of the president, have engaged in a Pacto Por Mexico. This “Pact For Mexico” involves aligning the policies and political goals of those three parties for the coming years until 2018 towards deeply ambitious national targets. It is an experiment worth observing.

In any case, feel free to disregard every example or possibility I raised above. But do consider the main idea itself: that the time has come to a new political paradigm for the 21st century. Perhaps we need a political spring.