Monday, 26 December 2011

لماذا أرفض النشر على تويتر لأرقام تليفونات وعناوين الشخصيات التي نعاديها


بدأ البعض في نشر أرقام موبايلات و عناوين على تويتر تخص بعض الشخصيات التي هناك إتجاها ما لمعاداتها أو كراهيتها. و هنا أنا لا أتحدث عمن ينشر أرقام أو عناوين شخص إرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، و إن كنت ضد هذا أيضا، و لكنني أخص بالذكر من ينشر أرقام شخصيات مثل توفيق عكاشة أومن شابهه، و هي شخصيات يتم إزعاجها أو ملاحقتها بسبب ما تقول أو تكتبه من أراء.

هل يستحق بعض هذه الشخصيات كل ما يمكن ان تلقاه من إزعاج؟ نعم. بعضها يستحق ذلك. بل و أكثر من ذلك أيضا.

و لكن المشكلة هي: ما تقبله على غيرك لابد أن تقبله على نفسك، و لابد من معرفة النتائج البعيدة و البعيدة لكل قرار.

١- إذا سمحنا أنه من المقبول أن يتم ملاحقة شخصا ما بسبب أراءه، مهما كانت متخلفة، فأنت تقبل بذلك على نفسك و غيرك. و لا تقل أنك "لست مثلهم"، بالرغم من رجاحة هذه المقولة.

٢- كما تثير غضبك أراء البعض، فالبعض تثير أراءك و من يمثلها غضبه بصورة أكبر. فأراء الإشتراكي تثير ذعر البعض لأنه يرى فيها تدميرا للإقتصاد و الحريات، و أراء الليبرالي تمثل كفرا بيناً للبعض، و أراء بعض المفكرين الدينيين تثير رعبا للبعض، و أراء بعض الثوريين تمثل تدميرا للدولة لابد من إيقافه لبعض من لا يدعم الثورة كليا، و أراء بعض الإعلاميين الذين لا يخافون من نقد الدولة و رموزها تمثل "تهييجا مدمرا، و تأمرا ضد الدولة و محاولة لهدمها" للبعض من الشعب، و غير ذلك.

٣- و بالتالي، فإذا أعطيت نفسك الحق في ملاحقة و إزعاج البعض، بالرغم من إستحقاق العديد منهم لذلك، فأنت تعطي الحق لكل مجموعة ممن هم في الفقرة السابقة أن تكرر نفس التصرف في كل من يمثل ما تكرهه من أفكار و تصرفات.

٤- عندما تنشر عناوين هؤلاء، فأنت أيضا تعرض أهلهم و جيرانها، و هم ليس لهم علاقة بأسباب الغضب من الشخصية المقصودة، للخطر. فقد يأخذ شخصا ما هذه العناوين و يتصرف تصرفا مبالغ فيه، فيؤذي بذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة أشخاصا ليس لهم أي ذنب.

٥- و إذا حدثت حادثة واحدة مؤسفة لشخص برئ هو أحد جيران أو أهل الشخصية المقصودة، أو حتى الشخصية المقصودة ذاتها، فسيتم إستغلالها لتشويه الثورة و مؤيديها إعلاميا بصورة قذرة، و سيقال أنهم كانوا السبب في ذلك.

٦- و فوق ذلك كله، فالنتيجة أساسا ستكون عكسية. سيكولوجياً، ستزيد هذه الملاحقات القناعات المريضة و المتخلفة لهذه الشخصيات قوة و ترسخا، و ستعطيهم شعورا بالأهمية و "بالمهمة و الهدف". و أيضا سيغير رقم هاتفه في نهاية الأمر بمنتهى البساطة.

 ٧- هناك طرق مشروعة و مقبولة للتصدي لمثل هذه الشخصيات و أفكارهم. مثلا، في حالة الشخصيات الإعلامية المستفزة، فيمكن الرد عليهم إعلاميا، و صناعة فيديوهات موجهة ضدهم و ضد أفكارهم، و يمكن الإتصال ببرامجهم و إحراجهم على الهواء، و يمكن كتابة مقالات و تدوينات ضدهم، و وقفات سلمية إعتراضية، و كتابة خطابات إحتجاجية للقناة أو الجريدة، و حتى التقدم ببلاغ رسمي ضدهم بالدليل، و ما غير ذلك.

٨- هذا رأيي، و راجعت نفسي فيه كثيرا و "عصرت على نفسي ليمونة" و أنا أكتبه لأن "حتى الحق خسارة في الناس دي"، و لكن في نهاية الأمر كان لابد من قول ما أرى انه يصح و أنه الحق.


No comments:

Post a Comment