هناك الكثير من الخلاف و اللغط في مصر حول قضية ما يسمى ب"وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور" أو "وثيقة المبادئ فوق الدستورية". و لكن هناك نقطة أو سؤال واحد فقط أريد الإجابة عليه في هذه المقالة، بعيدا عن نقد أو رفض أو دعم وثيقة الدكتور علي السلمي. ذلك السؤال هو:
"هل لا يوجد مثل هذه المبادئ في أي من دول العالم؟"
و الإجابة ان "المبدأ" موجود في العالم في دول عديدة، و هي مواد تسمى Entrenched Constitutional Clauses أو "مواد دستورية مترسخة". و هي تكون مواد في الدستور ذات طابع خاص و شديد الأهمية، و يكون تعديل أو حذف هذه المواد إما أصعب بكثير من المواد الأخرى في الدستور، أو مستحيل قانونيا من حيث المبدأ. و منها ما يلي:
١- فرنسا: المادة المتعلقة بأن النظام الجمهوري هو النظام الوحيد للحكم، و هي مادة ممنوع قانونيا تعديلها بأي صورة أو حذفها، منعا بالأساس للعودة الى النظام الملكي.
٢- البوسنة: الدستور البوسني به مواد تنص على الحقوق و الحريات المتفق عليها عالميا، و منها إشارة الى الصفة الإلزامية لوثيقة المؤتمر الأوروبي لحقوق الإنسان، و انه لا يمكن ان يتم تشريع أي قانون يخالف هذه الحقوق و الحريات و هذه الوثيقة، و لا يمكن قانونيا تعديل أي من هذه المواد ولا المواد الخاصة بصفتها الإلزامية القانونية.
٣- الولايات المتحدة: هناك مادة مترسخة في الدستور، و هي التي تنص على انه لكل من الولايات الخمسين في الولايات المتحدة نفس عدد الأصوات في مجلس الشيوخ، بغض النظر عن حجمها الجغرافي أو تعداد سكانها، و انه لا يمكن تعديل عدد أصوات تلك الولاية في المجلس بدون موافقة الولاية ذاتها.
٤- تركيا: المواد المتعلقة بكون الدولة "جمهورية" (أي كونها ليست مملكة مثلا)، و بعض المواد المتعلقة بعلمانية الدولة و أن الشعب مصدر السلطات و ان نظام الدولة يقوم على الحكم الديمقراطي. هذه المواد قانونيا لا يمكن تعديلها.
٥- جمهورية التشيك: مادة تؤكد على انه لا يمكن تعديل أي مواد دستورية أو تشريع أي قوانين قد تؤثر على "المتطلبات الأساسية و الموضوعية [لكون التشيك] دولة ديمقراطية قائمة على حكم القانون."
٦- ألمانيا: الدستور الألماني به مادة حاكمة تمنع أي تعديلات دستورية أو تشريعات قد تؤثر على، أو تلغي، أي من الأمور التالية: النظام الفيدرالي للدولة، قدسية حقوق الإنسان، الحقوق المدنية و السياسية الرئيسية، ان الشعب مصدر السلطات و يحكم ذاته بذاته، العلاقة المنفصلة بين السلطات التنفيذية و القضائية تحديدا، قدسية و عدم التعدي على كرامة الإنسان، إهتمام الدولة بالعدالة الإجتماعية، "حق المقاومة" ضد أي إنسان يحاول تغيير النظام العام الذي يحمي هذه الحقوق، و غيرهم. تسمى هذه المادة بصورة غير رسمية "بمادة الأبدية"- The Eternity Clause - Ewigkeitsklausel
و هناك مثل هذه المواد المترسخة أيضا في دول مثل ماليزيا و الهندوراس، و أستراليا، و غيرهم.
و يلاحظ التالي:
١- ان أغلب هذه المواد متعلق إما بالدفاع عن حقوق الإنسان أو عن النظام الديمقراطي أو الجمهوري المدني.
٢- و ان ذلك عادة يكون في دولة قد مرت منذ فترة قريبة بنظام حكم قمعي أو إضطرابات أهلية أو طائفية أو عنصرية، و انه ربما كان قد تم إستخدام القانون بصورته الأصلية، أو تشريع قانون جديد، لتبرير تصرفات قمعية أو عنصرية للدولة، مثلما كان هتلر في ألمانيا حاكم له سلطات شبه لانهائية، أو ان كون فرنسا سابقا دولة ملكية تقليدية تتركز جميع السلطات بها في يد أسرة حاكمة، الى ان قامت الثورة الفرنسية بمبادئها، و قام فوق تلك المبادئ النبيلة نظام قمعي آخر عن طريق شخصيات مثل ماكسميليان روبسبيير و نابليون بونابارت، حتى سقوط هذا النظام أيضا.
٣-* قد تسقط هذه المواد عن في حالة كتابة دستور كامل جديد أو قيام ثورة.
٣-* قد تسقط هذه المواد عن في حالة كتابة دستور كامل جديد أو قيام ثورة.
ملحوظة: انا لست خبيرا في القانون، و ما كتبت هو نتيجة لبحث شخصي. إذا كان هناك أي قانونيون يستطيعون مراجعة ما كتبت و إرسال أي تصليحات أو إضافات، سأكون لهم شاكرا بالطبع.
* تم إضافة هذه النقطة بعد نشر المقال في صورته الأصلية.
---------------
ملحوظة: اذا كانت هذه زيارتك الاولى الى المدونة، فارجو ان تتكرم بالقاء نظرة على القائمة التي على اليمين و التي تحتوي على اهم مقالات المدونة و على فهرس المدونة في الصفحة الرئيسية.
اذا اعجبتك المقالة، فسأستفيد جدا اذا ضغطت على TWEET أو LIKE. و تابعني على تويتر Twitter اذا امكن بالضغط على FOLLOW بالاسفل. و ارحب بتعليقاتكم و سأرد عليها. بالإمكان ايضا متابعة المدونة بالضغط على Follow بالأعلى. بإمكانك وضع رابط بمنتهى السهولة لهذه التدوينة على الفيسبوك الخاص بكم عن طريق ضغط زر LIKE الازرق.
No comments:
Post a Comment