(ملحوظة: هذه رواية سمعتها وأنا في الهند.)
ذهب فتى ليصير راهبا في أحدى الأديرة. وعند وصوله، قابله الراهب الأكبر بصرامة وقال له إنه عليه أن يجتاز إختبارا واحدا لكي يصير راهبا من الرهبان. فذهب الفتى بقلق مع الراهب إلى غرفة ذات باب موصد ومثير للرهبة. وبعد أن فُتح الباب، وجد الفتى أن الغرفة يتوسطها ما يشبه حمام للسباحة صغير، بين أوله وأخره لوحا خشبيا ليس بالواسع أو بالضيق، بينما كان في المياه هياكل عضمية متأكلة. نظر الراهب عندئذ إلى الفتى الذي بدت عليه علامات التوتر الشديد، وقال له: إن أردت أن تصير واحدا منا، فعليك أن تعبر فوق هذه الأحماض الفتاكة عن طريق المشي فوق ذلك اللوح الخشبي. وإن وافقت، فأمامك أسبوع لكي تتمرن.
وبعد برهة من التفكير، وافق الفتى، وبدأ التمرين. فأحضر الفتى لوحا مماثلا له تماما ووضعه فوق نقطتين يرتفعان ثلاثة أقدام عن الأرض، وبدأ يتمرن ذهابا وإيابا حتى صار الأمر له أشبه بالمزحة. وجائت الناس تتفرج عليه وهو يسير فوق اللوح مغمض العينين، أو على قدم واحدة، أو حتى مشيا إلى الخلف. وكان يضحك وهو يشعر كيف أنه أصبح أستاذا فيما هو كان يفعل.
ثم جاء أخيرا يوم الإمتحان، ونظر الفتى إلى اللوح، وبدأ في التعرق بشدة. فبينما أنه قد مشى على مثل هذا اللوح بل والأضيق منه أضعاف هذه المسافة تدريبا، إلا أن كون حياته ذاتها، وليس فقط رغبته في الإنضمام الى الدير، مهددة بسبب ما هو على وشك أن يفعل جعل الخوف يعتريه. فكر طويلا بعد أن تجمدتا قدميه، إلا أنه قرر المضي قدما بعد أن شعر بنظرات الخيبة ممن حوله ومن جاء ليشجعه.
وبعد بضعة خطوات فقط على اللوح، فقد الفتى تركيزه وسيطرته على نفسه، وسقط في الحامض إلى حتفه المرتقب، ورأى حياته القصيرة تمرق بأكملها أمام عيناه.
إلا أن شيئا لم يحدث له، وبدأ الجميع في الضحك، بما في ذلك الراهب الأكبر، وكانت هذه أول مرة يرى الفتى الراهب الأكبر يبتسم أو يضحك. وأدرك فجأة الفتى أنه وقع في مياه عادية وليس حامض فتاك، وأن هذه الهياكل هي هياكل خشبية غير حقيقية.
وعندئذ قال له الراهب الأكبر: أحيانا سيجعلك الخوف غير قادر على القيام بأبسط الأشياء، حتى الأشياء التي تجيدها بصورة مذهلة. إن تعلمت أن تتحكم في الخوف في حياتك، فلن يوقفك شيئا، وستحقق أشيائا لم تكن لتحلم بها. وعندما تقترب من الموت، فقط عندئذ ستدرك قيمة الحياة ووقتك البسيط فيها.
ثم عانق الراهب الفتى، ورحب به في الدير.
No comments:
Post a Comment