ينتابنا حالة من الدهشة بعد سماع عن توصية مجلس الوفاق الوطني بإعتقال من يقوم "بالتحريض على الفوضى" على الانترنت او بأي شكل آخر. هناك نقتطان تم سؤالي عليهم و اريد ان ارد عليهم سريعا. سأكتب هذه التدوينه يعبدا عن الاحداث الحاليه، حيث انه ستكون لي تدوينة اخرى للتعليق عليها.
- هل هناك شيء شبيه في العالم؟!
1- نعم هناك حالات مشابهة لاعتقال ناس بناء على ما كتبوه على تويتر و فيسبوك في بعض الدول الاخرى، و ان كان اغلبها تحت لواء القوانين الحالية في تلك الدول دون تحديثها للأخذ بالاعتبار اختلاف تويتر و فيسبوك عن الوسائل الاخرى، و ان كليهما (و خاصة تويتر) لهما اسلوب كلام متعارف عليه مختلف عن الحديث على وسائل الاعلام الاخرى. و اشهرها قضية الشاب الانجليزي الذي تم القاء القبض عليه لمزاحه انه يريد ان يفجر مطار روبن هود بمدينة دونكاستر في خلال اسبوع اذا لم تتحسن حالة المطار، و تم محاكمته و اعتباره مذنبا، بالرغم انه كان فعلا يمزح و لا يوجد نية ارتكاب الجريمة، ما يسمى قانونيا ب Mens Rea. الفكرة لها مؤيديها، و تقوم على مبدأ ان التحريض الواضح مثل ارتكاب الجريمة ذاتها، اي انه انك اذا رأيت احدا في الشارع يصيح: "يلا نروح نكسر المحلات و نقتل فلان"، فهو محرض على جريمة، و بالتالي لابد من القبض عليه فعلا. و نفس القضية على الانترنت. اذا قامت مثلا مجموعة متطرفة بالقول على موقع ما: "لابد من تكسير المحال التي تبيع كذا و كذا" مثلا، فهذا تحريض على جريمة. و لذلك، فمبدأ القاء القبض على من "يدعو الى جريمة يعاقب عليها القانون بصورة واضحة" على الانترنت ليس مبدأ مرفوض بالطبع. و لكن المشكلة ان الاقتراح يتضمن القبض على "من يحرض على الفوضى"، و هذه توسعة تفتح اشكاليات عديدة.
- ما هي المشاكل المحتملة؟
أ- كيف يمكن التفرقة بين من يحرض فعلا على عنف و من يمزح او يتحدث بصورة حماسية لا اكثر، و من يدعو فعلا الى عنف؟ كيف لا يتحول هذا القانون، اذا تم تمريره، الى حجة لايقاف اي شخص ابدى امتعاضه على تويتر من اي شيء لع علاقة بأوضاع البلاد؟ و ماذا اذا كان شخصا ما يتحدث بصورة مجازية مشابهة للطريقة التي تتحدث بها الناس حوله، و شخص هو معروف بعدم العنف، و مع ذلك اعتبر البعض كلامه جديا و تصرف على اساسه؟ ماذا لو قال احدهم "انا بجد هروح بكره اكسر المكان ده" و الكل يعرف انه يمزح او يبدي فقط عن غضبه، ما الذي يمنع من اعتقاله و القول بأنه لم يكون يمزح!؟
ب- ماذا يعني "التحريض على الفوضى؟" هل الدعوة الى تظاهرة سلمية يعتبر شغبا؟ بالطبع لا. هل الدعوة الى وقفة اعتراضية سلمية لا تعطل الحياة اليومية شغبا؟ بالطبع لا! اذا، فإذا كان سيتم تمرير قانون مثل هذا في يوم من الايام او العمل على هذا المبدأ و مناقشته، فلابد من وضوح الرؤية حول ما يُعتبر مخالفة قانونية فعلا او "تحريض على فوضى". مثل هذه القوانين الهدف منها القاء القبض على من يحرض على "مخالفة القانون" بصورة واضحة، و هذا مبدأ لا جدل عليه، و لكن توسعته لتشمل "التحريض على الفوضى" هي توسعه تفتح الباب لإعتقالات مفتوحة بلا مبرر. و بالتالي لابد ان يكون واضحا تماما ما هي المخالفات في نظر ذلك القانون، هذا اذا أُخذت هذه التوصية بصورة جدية.
ج- توقيت الفكرة و الطريقة التي عرضت بيها شديدي الاستفزاز! الطود الراسخ بيهزر يعني.
---------------
ملحوظة: اذا كانت هذه زيارتك الاولى الى المدونة، فارجو ان تتكرم بالقاء نظرة على القائمة التي على اليمين و التي تحتوي على اهم مقالات المدونة و على فهرس المدونة في الصفحة الرئيسية.
ارجو متابعة المدونة عن طريق الضغط على Follow With Google Friend Connect.
اذا اعجبتك المقالة، فسأستفيد جدا اذا ضغطت على TWEET أو LIKE. و تابعني على تويتر اذا امكن بالضغط على FOLLOW بالاسفل.
No comments:
Post a Comment