Thursday 23 June 2011

العلاقة الوطيدة بين اشهر شتيمة في مصر و تقدم المجتمع!ـ

ملحوظة: شوية تهييس

سوف اقول معلومة قد تصدمك الآن…


القصة المتداولة على الانترنت هي كالآتي: يقال ان ايام الحكم الفاطمي تم منع الشعب قانونيا من الاحتجاح، و خاصة من استخدام جملة: "أنا حقا أحتج"…

للتغلب على ذلك المنع، ابتكر المصريون كلمة تتكون من الاحرف الاولى من الكلمات الثلاث في تلك الجملة المعروفة. هل عرفت تلك الكلمة؟ نعم. انها تلك الكلمة شديدة الشعبية، و المستخدمة حتى اليوم في مصر بصورة تتزايد و لا تنقص. و لسبب ما، نسي الناس معناها الاصلي و بدئوا في الاعتقاد انها كلمة سباب قبيحة و او وصف ما للعلاقة الجسدية، و صارت سبة مهولة و كلمة تتقزز الناس لسماعها. و مع ذلك، فالقصة المتناقلة، و التي يبدو انها حقيقية، تنفي تماما هذا! (و الامر نفسه ينطبق على كلمة طظ/طز مثلا، و التي تعني "ملح" بالتركية، و كان معناها الدارج ان شئء ما لا قيمة له. القصة اطول طبعا، و انا اختصرها.)

حسنا. السؤال هو: اذا خرج علينا المجمع اللغوي و أكد غدا انها كلمة ليست بقبيحة، هل سنبدأ في استخدام هذا اللفظ؟ و كيف سيكون رد فعلنا على من يستخدمها حولنا بمعناها السليم؟


هل، على رأى معلق ما في احد المواقع، سيذهب طفل الى بقال ليشتري حلوى، و عندما يسأل على سعرها و يجده قد ارتفع، فيقول "أ*ا يا عمو!" فيبتسم البقال و تبتسم الناس بصورة عادية و كأن الطفل قال: "ليه بس يا عمو؟"





لا اعتقد ذلك…

فهناك مشكلة بين المعرفة و التعود و التقاليد. مثلا، من الجهل و التخاريف لمس الخشب "تتش وود" عند الشعور بالحسد. ماذا سيحقق ذلك؟ هل لمس طاولة من الخشب في منزلك سيحمي سيارتك من التحطم بسبب حسد شخص ما لها؟ و مثلا، تبخير شخصا ضد الحسد او ما يعتقد البعض انه تلبس من الجان! هل تكره العفاريت رائحة البخور مثلا؟ و استمرارنا من التشائم بصورة مضحكة من الرقم ١٣ او من القطط السودا (التي قيل انها شؤم او ساحرات متنكرات في هيئة قطط!) حتى مع معرفتنا ان لا حقيقة لتلك الافكار و لا يوجد اي انسان عاقل يؤمن بذلك! او ان تغوط الطيور عليك بركة! او الايمان بالابراج اي كانت (لا تقل لي الصينية او الفيديكية) بعد ان ضحدها العلم الحديث بنسبة مائة بالمائة، و لا اقصد فقط مطالعة الطالع، بل مبدأ وجود ابراج اساسا. و مع ذلك البعض منا لا ينزل من باب التشائم عندما يرى ان طالعه يقول "لا تنزل اليوم!" و لا يؤمن الكثير منا ان استخدام رجل ارنب موضوعة في كيس ما بعد قرائة كلمات بدون معنى (شمربكوش يا سمبركوش!)، مع الاخذ في الاعتبار ان رجل الارنب هي مكون كاربوني عضوي مثل اوراك الفراخ او…..اوراك الارانب (!)، سيؤدي الى تدمير زواج شوقية بعباس، و لكننا سنخاف و سننصحهم بالحذر على اية حال. 

ان بعض هذه الاشياء لا نؤمن بها و لكن ما زلنا نحسب لها حساب من باب ان "الحذر افضل"، و البعض نؤمن به بصور تخالف اي صورة من صور المنطق. لماذا؟ الخوف احد الاسباب. السبب الآخر هو الشحن النفسي منذ الصغر. اذا قيل لك منذ الصغر ان فلانا هو اسوأ انسان في الدنيا، بينما هو من افضلهم في الواقع، و ظللت عشرون سنة تسمع هذه الجملة، فمهما فعل و مهما اقتنعت، ستظل دائما على حذرك و احتراسك منه، و شكك فيه. من الصعب التغلب على ما تعودنا عليه طوال عمرنا. 

و اضف على ذلك كم الاشياء التي كان يرفضها المجتمع او يرى انها معادية لاخلاقه او قيمه مع ان الدلائل على عدم سلامة رفضهم كانت موجودة منذ البداية لدى البعض، ثم تقبلها و اصبح يدافع عنها الآن. مثلا، ايام الشيخ امام، تم طرده من المعهد الديني الذي كان يدرس به لأنه "استمع الى القرآن الكريم على الراديو"، و هو امر كان يقال انه كان محرما ا/و مكروها!

 و انا لا اريد القول ان كل ما نؤمن الآن انه خطأ هو صواب او العكس، و لكنني أؤمن ان المجتمعات تتغير و تغيرت كثيرا، و ما كان مكروه الامس قد يصبح قيمة اليوم المثالية. و يبدأ ذلك دائما بتحدي للرأي العام و اعطائه صدمة، و انتقاد و شتيمة ذلك المتحدي، ثم التفاف البعض حوله، ثم اخذ الفكرة مساحة من النقاش، اثبات سلامتها، ثم اعتناقها تدريجيا.

و يذكرني كل ذلك بكيف، بعد ثورة ٢٠١١،كان البعض يدخل في مناقشات لم يحلم بها عن امور لم يتخيلها، في السياسة و الاقتصاد و حول المجتمع. ما يثير اختناقي احيانا هو عندما يريد البعض الحفاظ على فكرة ما موجودة منذ سنوات بلا أي مبرر حقيقي بأي صورة من الصور و تفشل حجته العقلية مع احتفاظه بالشحن النفسي، فيقول لك شيء مثل:

"انت عايز تلخبط الناس؟ احنا طول عمرنا كده، ليه لازم نتغير يعني؟ ليه نقلد اللي بيعملوه الناس التانيه!؟ و بعدين يا سيدي انت عندك حق بس الناس دلوقتي بقت وحشة و الكلام الحلو بتاعك ده مينفعش هنا. الناس تعبانه و مش ناقصة افكار مستفزه حتى لو صح. و بعدين في حاجات تانية اهم! في ثورات عربية و بلاوي في الدنيا و حبك معاك يعني نتكلم دلوقتي في المواضيع دي! كمان عشرين سنة بقى."

الخوف من  اي تغيير، حتى و ان كانت الفكرة سليمة و منطقية...

اذا ثبتت القصة التاريخية حول معنى هذه الكلمة، فهذا يعني انها ستصير كلمة مستخدمة بصورة واسعة في احد الايام. و يقول البعض ان احدى مقاييس سرعة تقدم المجتمعات في كافة المجالات هو الوقت الضائع بين اكتشاف حقائق (سواء تصحيح معلومة، او اثبات فشل شيء ما او نظرية ما، او عدم صحة فكرة ما) و اعتناقها على مجال واسع بين الناس بعد ترك ما قبله.

 ترى، كم من الوقت سنتأخر كشعوب بدافع الخوف من التغيير و عدم الارتياح لكل ما هو مختلف عما تعودنا عليه و ان كان منطقيا و سليما، و احيانا ضروريا؟ 


انا ليس مهما لي بالتأكيد ان تقال تلك الكلمة، و لا تعني لي شيء على الاطلاق. لأستعير مقولة البعض لي عندما اثير الموضوع و اقول: "ايه يعني هي الكلمة دي هي الي هتصلح مجتمعنا يا متخلف انت! حبكت يعني!؟" بكل تأكيد انا لا اقصد هذه و لا تفرق معي هذه الكلمة مطلقا. انا فقط استخدمتها كمثال قد يكون طريف و لكنه على الارجح قد تكون له دلالة...


و اذا كنت تشعر ببعض من الشحن النفسي او الغضب في هذه اللحظة، فما عليك سوى ان تعود لأول المقالة! الكلمة التي تضايقك لا تعني سوى: "أنا حقا احتج!" لا معنى لغضبك نهائيا.


 Picture from @amizamiza here: http://yfrog.com/gz4hzxaj

خليك جدع و دوس LIKE او TWEET. و تابعني FOLLOW على تويتر

No comments:

Post a Comment