Saturday, 4 June 2011

من اجمل لحظات الثورة بالنسبة لي...

اتذكر في يوم السبت ما بعد موقعة الجمل ايام الثورة انني كنت في ميدان التحرير و كنت احاول الدخول الى جامع عمر مكرم للاغتسال و التوضئ. و في الثلاثة طوابير (قمة النظام) وقفنا مجموعة تتحدث عن الشريعة الاسلامية و علاقتها بالسياسة، و عن حرية الاختيار في المجتمع للتفاسير التي يريدها كل شخص لنفسه، و عن علاقة الدولة بالدين و حقوق غير المسلمين، و غيرها من المواضيع التي تكون عادة شائكة و مثيرة للعنف في الحوار. و ضم هذا الحديث ناس لا اتذكر اسمائهم و لا اشكالهم الان، الا انهم كانوا شيخان في الدين الاسلامي احدهما علماني و الثاني يؤمن بدمج الدين و السياسة، شخصان يساريان احدهما مسيحي، مسيحي متشدد حسب قوله بدون توجه سياسي محدد، شخص ما قال انه ملحد (و توقعت ان الناس ستنقض عليه و تفتك به او ان احدهم سيقول "هو داخل الجامع يعمل ايه!"، فاذا بالناس تجاهلته و ابتسم الشيخان و ابتسامة هادئة و اكملوا حوارهم)، و انا كمسلم اقرب الى شكل ما من اشكال الليبرالية، و ثلاثة مستمعين عابرين ظلوا منصتين و مبتسمين طوال الوقت. و دار الحوار لمدة ساعة كانت هي وقت الطبور، و اختلفنا بشتى الطرق و اوسعها في الحوار، الا انه كان اكثر الحوارات تحضرا في حياتي. كان المزاح راقيا و الحوار راقيا و الحجة راقية، كنا نقنع بعضنا البعض بافكارنا و نضحك معا. و نختلف باحترام، و نعلن ضعف علمنا في نقط اخرى باحترام. و بعد ان انتهينا من ما اتينا من اجله، قمنا كلنا بتنظيف جامع عمر مكرم لانه مكان دين و كان بيتنا كلنا في ذلك الوقت، اي كانت معتقادتنا. و بعد انتهائنا من التنظيف دعا لنا كلنا احد الشيخان بالسعادة في حياتنا و بمعرفة الحقيقة اي كانت، و تقاسمنا البلح و الكشري و تحدثنا عن الاهلي و الزمالك خمسة دقائق، ثم ودعنا بعضنا و مشينا.

و خارج الجامع في الميدان كانت كل اطياف البشر موجودة، و كان الجميع يساعد بعضه و يضحك مع بعضه و يأكل مع بعضهو ، من لم يكن يستريح للبعض الآخر فكان يجتنبه، و توصل الناس الى صيغة في التعايش و المحبة و الحرية (مع الاحترام) و التسامح، مع العمل و التقدم و توزيع الوظائف و الادوار. و الذي وحَدنا في ذلك و اثبت قدرة هذه الناس على التعايش هو اجتماعنا على هدف واحد، هو كراهية و اسقاط النظام السابق. و الآن بعد ان اصبحنا في قمة العنف و الاستهجان و الاستهزاء ببعضنا البعض و التعنت في الاراء، و نحاول السيطرة على بعضنا البعض و بدأنا نفقد روح الثورة، افلا يمكن ان نسترد هذه الروح السابقة مرة اخرى عن طريق التوحد حول كراهية العنف و الكراهية و استعباد البشر و قمعهم لبعضعم البعض، و حول النهضة بالبلد؟ و في نهاية الامر ننظف كلنا جامع عمر مكرم و كنيسة العذراء؟

و نبطل نكره بعض؟!

الدعاء الذي دعا به الشيخ: اللهم بارك في جمعنا هذا و اهدنا جميعا و قربنا اليك و الى الحقيقة ، ارزقنا كلنا من خيراتك و حاسبنا على على نوايانا، و على محبتنا لبعضنا، و اغفر لنا ما نقصر فيه ان قصرنا و ادرَكنا، و ان قصرنا و لم ندرك، و اجمعنا كلنا حول حبك و حب الوطن و حب الخير للناس اجمع اي كانوا، و انزع من قلبنا اي كراهية نحو اي من خلقك، و ساعدنا في الوصول اليك و اِحبنا كلنا يا رحمن يا رحيم.

تلك كانت اللحظة التي فقدت اي قطرة شك في ايماني بعظمة بالثورة...

آمين يا سيدنا الشيخ!

1 comment:

  1. اتفق معك و لكن لن يجتمع الشعب على ذلك فعلا قبل قولا. و السبب ان في الميدان الغلبة للمنطق و الخوف - المجموع يولد طاقة تستطيع ان تستخدمها للخير و هدف نبيل. و لكن عندما يكون الانسان بمفرده، فان الجهل و الأنانية تكون العامل الاساسي وراء العنف و تجاهل المبادئ العامة. أنا مع تطبيق القانون بحزم، اليوم الشرطة يجب ان تكون عنيفة و شرسة مع كل من يخرج عن القانون، و يتزامن ذلك مع إصلاحات أخلاقية فى جميع اوجه الحياة

    ReplyDelete